الاثنين، 7 أبريل 2014

الاثبات الجنائي في القانون المصري



إجراءات جنائية


الاثبات الجنائي
في القانون المصري


1-   معني الاثبات الجنائي :

الاثبات الجنائي هو :
 الوقوف علي حقيقة واقعة تنطوي علي جريمة او شبهة جريمة وتنبعث منها امارات قوية وشبهات مقبولة ترجح نسبتها الي شخص معين .
- الوقوف علي الحقيقة رهن باقامة الدليل علي وقوع الجريمة بالفعل وجمع امارات قوية ودلائل كافية ترجع نسبتها الي شخص معين
- اقامة الدليل تعني البحث والتنقيب عنه في مسرح الجريمة بالانتقال اليه ومعاينة كل مايتعلق به من  اثبات ( الحالة – الاشياء – الاشخاص – ضبط الاوراق – الادوات- الاسلحة ) التي استعملت في ارتكابها او نتجت عنها, وسماع الشهود , والاستعانة باهل الدراية والخبرة ثم جمع الدلائل وتقدير قيمتها القانونية
- وتكمن اهمية الإثبات في المواد الجنائية انه الوسيلة الوحيدة التي تتيح للقاضي الوقوف علي حقيقة واقعة تنطوي علي جريمة وقعت بالفعل وانتهت وانتمت الي الماضي , عن طريق احياء تصورها وتقدير الادلة وفقا للقواعد والشروط القانونية
- حرص المشرع علي التاكيد علي الاثبات الجنائي وانصرافه الي اظهار الحقيقة عن طريق المادة 214/2 ق ا ج التي اوجبت علي النيابةالعامة ان تحيل الدعوي للمحكمة مرفق بتقرير يحتوي علي شهادة الشهود والادلة سواء كانت بالاثبات او النفي
* موضوع الاثبات الجنائي : ينصب علي الوقائع التي تنطق وقوع جريمة ما ونسبتها الي شخص معين اي بالاحري هي الافعال الجنائية وتلك الافعال متعددة ومتنوعة بصورة يصعب تحديدها سلفا .

2- التمييز بين الاثبات الجنائي والاثبات المدني :
أ ) من حيث الموضوع :
- الاثبات الجنائي موضوعه الأفعال الجنائية وهي متعددة ومتنوعة بصوره يصعب تحديدها سلفا وبالتالي القاضي الجنائي له حريه واسعه وكاملة في تقدير دلالات هذه الافعال واستنباطها طبقا لإقتناعه بصورة تتوائم مع حكم المنطق والعقل , ويجوز له ان يلتفت لدليل نفي ولو حملته اوراق رسمية مادام يصح مع العقل واطمئن اليها .

- اما الاثبات المدني فينصب علي تصرفات قانونية محددة سلفا وتنظم اثارها قواعد قانونية صريحة وصارمة بغرض إقامة الدليل سلفا ومقدما قبل ان يثور اي نزاع بشانها , وبالتالي هنالك قيود علي القاضي المدني حيث يحظر عليه احيانا الأخذ بدليل معين او وجوب الاخذ بدليل معين بحيث اذا تعذر وجوده اعتبر القاضي الواقعة المتنازع عليها ثابتة مهما كان اقتناعه بثوبتها حيث لا يملك القاضي المدني اي سلطة تقديرية في مجال الاثبات , ومثال علي ذلك نص المادة 60  في المواد المدنية والتجارية ( علي استبعاد شهادة الشهود في اثبات وجود او انقضاء التصرف القانوني التي تزيد قيمته علي 500 جنيه )

ب) من حيث دور القاضي :
2- للقاضي الجنائي دور ايجابي في الدعوي يتيح له تحرر الحقيقة بنفسه والمشاركة في الاثبات سواء بتمحيص الادله او انشائها حيث ان القاضي الجنائي يخضع لمبدا ( الإقتناع القضائي الحر ) فله ان يقبل جميع الأدلة التي يقدمها اليه الخصوم , وله ان يستبعد مالا يطمئن اليه منها , فلا وجود لأدلة يلزمه القانون مقدما بقولها او يحظر عليه مقدما .

- اما القاضي المدني يخضع لمبدا ( الأدلة القانونية ) بخصوص الأدلة المحددة سلفا حيث يلتزم القاضي المدني باستبعاد ( القرائن) و (الشبهات ) اذا جاوزت قيمة التصرف القانوني 500 ج, او اذا كان غير محدد القيمة ( مواد 60 ,100 من ال ق 25 لسنة 1968 اثبات مواد مدنية وتجارية ) وبالإضافة الي ذلك فتوجيه اليمين الحاسمة في نطاق الإثبات المدني دون الجنائي , وتجزئة الإعتراف او العدول عنه في نطاق الاثبات الجنائي دون المدني  .

3-  تحمل النيابة لعبء الاثبات الجنائي :

اولا : عبء الإثبات علي المدعي :

- يخضع تحديد عبء الإثبات لمبدا عام وهو - البينة علي من ادعي - ويعني ذلك ان الطرف الذي يحمل عبء الإثبات في الدعوي الجنائية هو المدعي او سلطة الإتهام ممثله في النيابة العامة
- ويستند هذا المبدا لأصل عام وهو ان الأصل في الانسان البراءة , سواء من الجريمة او الإلتزام فعلي من يدعي خلاف ذلك ان يثبت ادعاءه , وقد اقرت المادة الاولي من قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية ذلك بقولها 0 علي الدائن اثبات الإلتزام .

ثانيا : مضمون عبء الاثبات :

- يجب ان تثبت النيابة العامة وقوع الجريمة من ناحية و نسبتها الي المتهم بارتكابها من ناحية اخري
- اما النسبة لوقوع الجريمة ينبغي ان تثبت ان التهمة قد توافرت جميع اركانها , وبالنسبة لكل ركن علي حدة ينبغي ان يثبت توافر جميع عناصرها ولا يكفي في ذلك اثبات توافر الركن المادي دون المعنوي .
- بالنسبة الي اسناد الجريمة الي المتهم يتعين علي الادعاء ان يثبت نسبتها اليه ومسؤليته عنها .
- اذا دفع المتهم بتوافر سبب من اسباب الاباحة او مانع من موانع المسؤولية وجب علي الاتهام اثبات بطلان هذا الدفع واذا عجز الإدعاء عن اثبات بطلان الدفع وعجز ايضا المتهم علي اقامة الدليل بصحة الدفع ,وجب علي القاضي ان يفصل في الدعوي علي اساس توافر الاباحة استنادا الي ان الشك يفسر لصالح المتهم ( قرينة البراءة , الركن الشرعي للجريمة ) .  

4-  مبدأ اصل البراءة :

ماهية اصل البراءة :
- تخضع الدعوي الجنائية في كافة مراحلها لإصل عام يقضي ان ( المتهم برئ حتي تثبت ادانته )
- ويوجب هذا الاصل علي قاضي التحقيق ان يأمر بألا وجه لاقامة الدعوي اذا لم يجد دلائل كافية ترجح نسبة الجريمة للمتهم , كما يقضي ان تحكم المحكمة ببراءة المتهم اذا لم تجد دليلا جادا قاطعا وجازما علي ادانته .
- اي ان الإدانة لاتقوم علي الظن او التخمين , وان البراءة ايضا يجوز ان تقوم علي اليقين وكذلك بناءً علي الشك حيث ان ( الشك يفسر لصالح المتهم ) وتعتبر اسباب الاباحة من اهم مجالات تطبيق هذه القاعدة .
- ارتقي المشرع بأصل البراءة الي مرتبة القاعدة الدستورية حيث نص علي ( ان المتهم برئ حتي تثبت ادانته في محاكمة قانونية تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه )
- النتائج المترتبة علي مبدأاصل البراءة عند محكمة النقض :
1- انه يكفي الشك حتي يقضي القاضي ببراءة المتهم مما نسب اليه
 2- ان الاحكام الصادرة بالادانه يجب ان تبني علي حجج قطعية الثبوت وتفيد الجزم واليقين.
- الاساس الفقهي لاصل البراءة :
- يستند علي ان الإتهام خلاف الاصل وهو البراءة فاذا عجز عن اثبات زعمه او ادعائه بادلة قاطعه جازمة تعين الابقاء علي الاصل وهو ( البراءة ) .
- كما ان تحريك الدعوي يقوم علي الشك في صحة الإسناد اما ما يلي تحريك الدعوي يكون الهدف منه تحويل الشك الي يقين , فاذا لم يفضي الشك لمرتبة اليقين فان بقاء الشك علي حاله لا يصلح اساسا للحكم بالادانة .

الطبيعة الالزامية لاصل البراءة :
- اصل البراءة قاعدة اساسية في الإثبات الجنائي , وهي ذات طبيعة الزامية للقاضي وتوجب عليه ان يحكم ببراءة المتهم في كل الاحوال التي لاتستقر فيها ادانته في ضميره ووجدانه بدليل جاد قاطع ويبلغ مبلغ اليقين وهذا ما عبرت عنه محكمة النقض في قضائها المستقر .

- الاثر القانوني لاصل البراءة :

- ان هذا الاصل هو الذي يحدد الوضع القانوني للمتهم طوال الفترة السابقة علي ادانته حيث تقوم الموازنه مابين حبسه احتياطيا او الافراج عنه بعد الاستجواب لو تبين ان الدلائل ان اتهامه غير محتمل لما تقدم من تحقيقات والا عد حبسه احتياطيا بمثابة عقوبة مقنعة بدون نص
- كما لاتعتبر الدلائل المقدمة علي ثبوتها في حق المتهم طالما كانت غير قاطعة وجازمة لدرجة اليقين .

- حدود القاضي الجنائي في تكوين عقيدته :

ماهية مبدا الاقتناع القضائي الحر :

- اعترف المشرع للقاضي الجنائي بحرية كاملة في تكوين عقيدته عن الدعوي والوقوف علي حقيقتها , فلا يحكم في الدعوي الا طبقا لإقتناعه واعتقاده وهذا ماعبر عنه المشرع في ال م 302 ق ا ج مصري والتي اكد فيها علي حرية القاضي الجنائي في انتقاء طرق الإثبات الملائمة للوقوف علي حقيقة الدعوي والتثبت من صحة وقوع الجريمة ونسبتها للمتهم .
- لم يقيد القانون القاضي الجنائي بأدلة معينة او حظر عليه ادلة معينة فله ان يأخذ ما يشاء من ادلة ويطرح جانبا مايشاء , وله ان يتخذ اي طريق للكشف عن الحقيقة وان يزن الدلائل وفق ما يمليه عليه ضميره وما يتوائم مع العقل والمنطق .
- لكن حرية القاضي في الاختيار بين طرق الإثبات لا تتحقق بغير قبول كافة مايقدمه الخصوم بين يديه من ادله مادامت متعلقة بالدعوي ومنتجة في موضوعها سواء كانت ادلة ثبوت او نفي وعلي هذا لا يجوز له
1- ان يسمع شهادة شهود الإثبات ويعرض عن سماع شهود النفي ومناقشتهم.
2- كما لايجوز له رفض تعيين خبير بالدعوي اكتفاءً بالخبير الذي ندبته النيابة العامة فيها .

حدود حرية القاضي في تكوين عقيدته  :

اولا :
  يجب ان يستمد القاضي عقيدته من الادلة التي تطرح امامه علي بساط البحث والمناقشة في الجلسة
- نص المشرع في المادة 302 ق ا ج - ومع ذلك لايجوز له ( القاضي ) ان يبني حكمه علي اي دليل لم يطرح امامه في الجلسة - .
- هذه نتيجة منطقية - لمبدأ شفوية المرافعة - الذي يوجب ان يطرح القاضي ويبني حكمه بناءا علي التحقيق الشفوي الذي يجريه بنفسه في مواجهه الخصوم والادلة في الدعوي اثباتا ونفيا علي بساط المناقشة الشفوية حتي يعلم بها الخصوم وتتاح لهم مناقشتها وابداء الراي فيها فالعبرة باقتناع القاضي بناءً علي الادلة المطروحة علي بساط المناقشة ويبني علي ذلك عده امور اهمها :

1- لا يجوز للقاضي ان يحكم بناءً علي معلوماته الشخصية او علي ما راه او سمعه في غير مجلس القضاء , حيث ان مثل هذا الأمر يجعل منه شاهدا لم تطرح شهادته علي بساط المناقشة ولم يعلم بها الخصوم , كما انه لايجوز ان يكون قاضيا وشاهدا في ان واحد .

2- كما لا يجوز ان يبني حكمه بناءً علي تحقيق غير رسمي او خارج الجلسة وفي غيبة الخصوم .

3- ولكن لا يعد قضاءً من القاضي بمعلوماته الشخصية ان يحكم في الجرائم التي تقع في الجلسة فقد خوله القانون باعتباره قد عاين ارتكاب الجريمة بنفسه م 244 ق ا ج , كما لايعد قضاءً بمعلوماته الشخصية ان يستند بحكمه الي المعلومات العامة التي يفترض في كل شخص ان يكون ملما بها او راي يقول به العلم او يجريه العرف , كذلك لا يعد قضاءً من القاضي استخلاصه النتائج من المقدمات حيث انه من صميم عمله .

ثانيا : يجب ان يستمد القاضي عقيدته من ادلة مشروعه قانونا :

- مناط مشروعيه الدليل ان يكون مستمد من اجراء صحيح قانونا وان يكون مستوفيا في ذاته الشروط القانونية اللازمة لصحته وهذا ما اكدت عليه ال م 302 ق ا ج ( كل قول يصدر من احد المتهمين او الشهود تحت وطأة الاكراه والتهديد يهدر ولا يعول عليه ) , وهو اصل عام باهدار اي عنصر من عناصر الدعوي  يثبت انه مستمد من اجراء باطل وهذا ما اكدته ال م 336 ق ا ج , وقضاء محكمة النقض التي تهدر العنصر المستمد من اجراء باطل وعلي هذا ابطلت كل من :
1- عدم التعويل علي حكم الادانه في حالة بطلان التفتيش
2- بطلان الحكم الذي ادان المتهم باعترافه والذي كان تحت وطاة التهديد تمثل في هجوم كلب البواب عليه وعضه .
- ولكن مع ذلك اجازت محكمة النقض ان يكون دليل البراءة باطلا او مستمد من اجراء باطل , وعللت بذلك ان قرينة البراءة تقتضي ان يدافع المتهم عن نفسه بكل سبل الدفاع المتاحة بقدر مايسعفه مركزه في الدعوي وتغليب تبرئة متهم خير من الخطا في ادانة برئ .

ثالثا : يجب ان يستمد القاضي عقيدته من أدلة متساندة :

- يجب ان يتعامل القاضي مع الادلة المكونه لعقيدته سواء بالبراءة او الإدانة علي انها وحدة واحدة متسقة ومتسانده , فاذا اقتنع القاضي بالإدانة تعين ان تكون ادلة الثبوت في مجموعها متسانده فاذا قام التناقض بينها كان هادما لعقيدة الإدانة وكذلك الحال في البراءة .

- لا يجوز الإعتماد علي مجموع من الأدلة بعضها صحيح والاخر فاسد لتعذر التعرف علي مبلغ الأثر من الدليل الفاسد في الراي الذي انتهت اليه المحكمة  .

-        الاستثناءات التي ترد علي مبدا الاقتناع القضائي الحر :

اولا : تقيد القاضي الجنائي في المسائل غير الجنائية بطرق الاثبات الخاصة بها :

- اوجبت ال م 255 من ق ا ج علي المحاكم الجنائية ان تتبع في المسائل غير الجنائية التي تفصل فيها تبعا للدعوي الجنائية طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل .
- علي الرغم من عمومية النص الا ان العمل بها ينحصر في اطار المسائل المدنية حيث ان لها طرق خاصة بالإثبات ولا يجوز تغير القانون بحسب الجهة التي تفصل في الدعوي , فاذا اختص قاضي جنائي بالفصل في مسألة مدنية وجب عليه اتباع الطرق المقررة في قواعد الاثبات المدني .
- وفي النص يفترض ان الفصل في المسألة المدنية جزء لا يتجزء من الفصل في الدعوي المدنية علي الرغم من انها تظل محتفظة بطبيعتها الذاتية المدنية باعتبارها ليست ركنا في الجريمة وانما هي مفترض سابق علي ارتكاب الجريمة , مثال علي ذلك جريمة خيانة الأمانه تقتضي وجود عقد ائتمان سابق علي عملية الاختلاس او التبديد او الاستعمال والفصل في وجوده او انتفائه مسالة مدنية بحته تخضع لقواعد الاثبات المدنية .
- كما اسلفنا ان قواعد الاثبات المدنية تختلف عن قواعد الاثبات المدنية مواد 60 , 100 من ق الاثبات في المواد المدنية والتجارية  ومعني ذلك انه لايجوز اثبات وجود عقد ائتمان اذا جاوزت قيمته 500 ج اذا لم يقدم المجني عليه دليل كتابي لاثبات العقد , ويجب الحكم ببراءة المتهم
- ومع ذلك لايمنع ان الاثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب اثباته بالكتابة جائز اذا وجد مبدا الثبوت بالكتابة , او فقد سنده الكتابي بسبب اجنبي لا يد له فيه ( مواد 62,63 ق مواد مدنية وتجارية )
- التقيد بقواعد الاثبات المدنية رهن بان تكون العلاقة المدنية مفترضه للجريمة في وقت سابق علي ارتكابها , اما اذا كانت عنصرا من عناصر الجريمة لا تقوم الا به يجوز اثباتها بكافة الطرق بما في ذلك البينة والقرائن ولو كانت قيمة التصرف تجاوز 500 ج مثال ( اثبات قيمة القرض وفوائدة الربوية في جريمة اعتياد الاقراض بالربا الفاحش )
- بديهي ان اثبات الفعل الاجرامي ذاته لا يتقيد بقواعد الاثبات المدنية ولو جاوز التصرف قيمة 500 ج ومثال علي ذلك يجوز اثبات فعل التبديد في جريمة خيانه الامانه بكافة طرق الاثبات ولو كانت قيمة عقد الامانه تجاوز 500 ج .
- لا تتعلق قواعد الاثبات المدنية بالنظام العام . اذ اجاز القانون الاتفاق علي ما يخالفها ( م 60 قواعد مدنية) ومعني ذلك يجوز لصاحب المصلحة التمسك بها او التنازل عنها سواء كان صراحة او ضمنا ولكن لا يجوز التمسك بتلك القواعد لاول مرة امام محكمة النقض
- تميل محكمة النقض الي اعفاء القاضي الجنائي من التقيد بقواعد الاثبات المدنية في حالة الحكم بالبراءة , وذلك احتياطا لمصلحة المتهم حتي لا تقرر عقابه الا بناء علي الدليل المعتبر في القانون .

- تقيد القاضي الجنائي في ادانة شريك الزوجة الزانية بادلة اثبات معينة :

- اوجبت ال م 276 من ق ع علي القاضي ان يستمد اقتناعه في ادانه شريك الزوجة الزانية بادلة ثبوت معينة هي التلبس , الاعتراف , والمكاتيب والاوراق , التواجد في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم
- وهذا القيد كما جاء صراحة في نص المادة باثبات زنا علي شريك الزوجة الزانية فحسب , اما الزوجة او الزنا الزوج وشريكته فيخضع اثباتها للقواعد المقررة وهي كافة سبل الاثبات .
اولا : التلبس :
-  ويقصد به التلبس الحكمي اي مشاهدة الشريك في ظروف تنبئ بذاتها علي نحو لا يدع مجالا للشك عقلا في ان الفعل الذي تقوم به الجريمة قد ارتكب .

- لا يشترط مشاهدة عملية الزنا بل يكفي مشاهدة الشريك في ظروف لاتدع مجالا للشك في حدوث الفعل مثل وجود الشريك متخفيا تحت السرير خالعا حذائه والزوجة لا يسترها الا ملابس النوم , او ضبطه بالملابس الداخلية في حجرة الابناء .

ثانيا : الاعتراف :

-    هو الاقرار الصريح الصادر منه باقتراف الفعل الذي تقوم به الجريمة , ولا يعد اقرار الزوجة علي نفسها وشريكها بالزنا , ويجب ان يكون الاقرار صريحا فضلا عن ذلك ان يكون وليد اجراءات صحيحة , ويصح امام النيابة او احد ماموري الضبط القضائي .

ثالثا : المكاتيب والاوراق :

- وهي الاوراق المحررة من الشريك وبخط يده والتي تتضمن اعترافا صريحا او ضمنيا بارتكاب الجريمة , ولا يشترط ان تكون موقعه من المتهم ما دام ثبت صدورها منه
- لا يعدل هذه المكاتيب في قوة الاثبات الاوراق الصادرة عن الزوجة ولو كانت ذات دلالة صريحة علي حصول الجريمة , كما لايعدلها الصور الفوتوغرافية التي تجمع بين الشريك والزوجة في وضع مريب
- يعترف قضاء النقض للزوج بحق تفتيش الامتعة الخاصة بالزوجة الموجودة في منزل الزوجية لضبط هذه الاوراق حيث انه لا يعد بمثابة الغير علي الاطلاق ومفترضات عقد الزواج بينهما  ( وهذا راي منتقد لما فيه من اهدار للخصوصية ) .

التواجد في منزل المسلم في محل الحريم :

- اعتبر المشرع وجود اجنبي في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم قرينه علي ارتكاب الزنا , ولكن هي قرينة غير قاطعة يجوز للمتهم ان يثبت عكسها بكافة طرق الاثبات 0 مثل انه كان يقوم باصلاح شئ , او انه طبيب استدعي للاسعاف ) .
- قيام هذا الدليل رهن بان تكون الزوجة مقيمة مع زوجها فان ثبت انها غضبي منه ومقيمة في منزل خاص بها لا يساكنها فيه الزوج فان وجود اجنبي معها لا يعد دليلا علي الزنا .

الشهادة كاحد وسائل الاثبات الجنائي :

تعريف الشهادة :
وهي قانونا تعني كل اخبار شفوي يدلي به شخص في مجلس القضاء بعد يمين يؤديها علي الوجه الصحيح بما يكون قد راه او سمعه بنفسه او ادركه علي وجه العموم بحواسه من وقائع الدعوي , ومن هذا التعريف نستخلص الاتي :
1- الشهادة دليل شفوي قوامه تقرير يدلي به الشخص شفاهه باستحضار ما ادركه من وقائع الدعوي امام القاضي
2- الشهادة وسيله اثبات يقينية لانها تقوم علي الادراك عن طريق الحواس فلا تدع مجال لشبه او شك يتعلق بحقيقة الواقعة .
3- يشترط ان تكون الشهادة في نطاق ما ادركه الشاهد بحواسة مباشرة من وقائع الدعوي ولكن يستبعد من نطاق الادلة القولية الشهادة المنقولة عن الغير(الشهادة السماعية غير المباشرة), حيث ان الحوادث تتغير عندما تتناقلها الاشخاص وبالتالي لا يجوز الاخذ بها , ولكن يجوز للمجكمة ان تاخذ بها كقرينة معززة لادلة الدعوي وذلك في اطار تكوين عقيدة المحكمة – وقد كانت محكمة النقض اقرت انه يمكن للمحكمة ان تاخذ بالشهادة السماعية غير المباشرة متي اطمأنت للشخص الصادرة منه ( وهو حكم منتقد وذلك لتغير الاحداث والوقائع علي السنة المتناقلين لها ).

موضوع الشهادة :
- ان تنصب علي واقعة منتجة في الدعوي , اي واقعة ذات دلالة علي وقوع الجريمة ونسبتها للمتهم 110 /2 ق ا ج مصري
- لا يجوز للشاهد ان يبدي رايا عن الواقعه التي يشهد عليها , ولا يجوز ان يعطي تقييما لها فهذا من صميم عمل القاضي او الخبير وهذا ما نصت عليه مواد ( 273/2 ,110 /2 ق ا ج مصري )
- كذلك لايجوز توجيه اسئلة للشاهد غيرمتعلقة بالدعوي اذا كانت غير منتجة في اثبات وقوع الجريمة واسنادها للمتهم او براءته منها , كما تكون غير مقبولة اذا كانت متعلقة بوقائع لا يصح اثباتها قانونا او بالبينة مثال لو ارد المتهم اثبات وجود عقد ائتمان تزيد قيمته علي 500 ج بشهادة الشهود .

شروط صحة الشهادة :
وهي التي تطلبها المشرع لصحة الشهادة وهي الاهلية , حلف اليمين , العقل والتمييز , الحرية
اولا : الاهلية
- نصت المادة 283 من ق ا ج ان مناط اعتبار شهادة الشاهد دليل ثبوت كاف بذاته هي بلوغ الشاهد 14 عاما وقت ادائه الشهادة وهي الأهلية التي اشترطها المشرع لصحة الشهادة , فاذا لم يبلغ السن المقررة جاز سماع شهادته علي سبيل الاستدلال كقرينة او دليل ناقص ولا يصح ان تعول المحكمة عليه وحده في استنباط معتقدها عن الدعوي .
ثانيا : حلف اليمين
- حددت المادة 283 ايضا انه يجب علي الشهادة اداء اليمين بان يحلف ان يشهد و يقول الحق , والامر الجوهري فيها صيغة اليمين هي التذكير بالاله القائم علي كل نفس وتحذيره من سخطه وغضبه .
- قضت محكمة النقض انه يجوز سماع شهادة شاهد دون حلفه لليمين المقررة وذلك لحداثة سنه او علي سبيل الاستدلال باعتبارها عنصرا من عناصر الاثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه متي قدرها حق قدرها واطمانت عقيدته الي صدقها  ( وهذا الحكم منتقد حيث لا يوجد نص يساوي بين الشهادة مع حلف اليمين واخري من دون الحلف – كما انه يمكن قبول شهادة من لم يبلغ ال 14 علي سبيل الاستدلال ولا يجوز ان تبني المحكمة عليها وحدها عقيدتها حيث انها تعد بمثابة دليل ناقص )
* ايجاب حلف اليمين مرة واحدة :
- متي حلف اليمين امام قاضي التحقيق او المحكمة فانه ما يدلي به من اقوال يكون بناءً علي اليمين التي حلفها سواء ادلي بشهادته مرة واحدة او عدة مرات في ذات الجلسة وفي اوقات مختلفة
- لا وجه للبطلان اذا اعادت المحكمة سؤال الشاهد في الجلسة ذاتها او جلسات اخري بغير ان تحلفه اذا كان سبق له ان حلفها قبل ذلك , حيث ان كل ما اوجبه القانون ان يؤدي اليمين قبل شهادته ولو لمرة واحدة
* وقت حلف اليمين :
- حددت المادة 283 من ق ا ج ان وقت حلف اليمين يكون قبل اداء الشهادة , لما لها من اثر في تذكير الشاهد بوجوب ادائها بصدق , وعلي هذا تقع الشهادة باطلة اذا اديت الشهادة بدون حلف اليمين حتي وان حلف فيما بعد علي صدق شهادته .
- واقرت محكمة النقض انه يجوز قبول شهادة الابكم الاصم من دون حلف اليمين اذا عجز عن ادائها وان تكتفي بما تستطيع استخلاصه منه عن طريق لغة الاشارة .
* جزاء عدم حلف اليمين
- ذهبت محكمة النقض علي ان عدم حلف الشاهد اليمين لا ينفي عن الاقوال التي يدلي بها انها شهادة يصح الاعتماد عليها , اذ ان الامر يعود الي ما تطمئن عليه عقيدة القاضي , (يختلف البعض مع هذا الحكم وذلك علي اساس وجوب اداء الشاهد لليمين بنص القانون والا وقعت باطلة لافتقادهاالشروط الشكلية لصحتها )

ثالثا : العقل والتمييز
- يجب ان يكون الشاهد متمتعا بملكات ذهنية تتيح له ادراك واقعة الدعوي عن طريق حواسه وتتطلب هذه الملكات توافر العقل والتمييز لدي الشاهد وقت وقوع الجريمة ووقت ادلائه لشهادته
- حيث ان فقدان العقل والتمييز وقت ارتكاب الجريمة يفقد الشاهد القدرة علي استخلاص الوقائع بشكل سليم عن طريق حواسه وبالتسلسل السببي الذي افضي اليها , كما ان فقدانهما وقت الادلاء بالشهاده يحول دون استحضار الوقائع من ذاكرته بشكل يتيح اعادة تصويره في مجلس القضاء وهذا ما اكدته مجكمة النقض .
- وتطبيقا لذلك لا تقبل شهادة الصغير غير المميز , المجنون , ولا السكران الذي افقده سكره تمييزه , وفي هذا الامر تقول محكمة النقض ان العبرة في اهلية الشهادة هي بالوقت الذي تؤدي عنه وبوقت ادائها

رابعا : الحرية
- يجب ان يكون الشاهد وقت ادلائه بالشهادة حر الاختيار غير مكره بصورة مادية او معنوية وهذا ما نصت عليه المادة 302 /2 ق ا ج
- ذلك ان مناط صحة الشهادة ان تكون صادرة طواعية واختيارا , فاذا ثبت انها صدرت تحت تاثير الاكراه او تهديد كائنا ما كان قدرة كانت باطلة , وهذا ما ذهب اليه قضاء محكمة النقض .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق